قصة: «المحارب»
كان اللّيل قد أرخى ظِلاله على السماء، بينما راحت فتاةٌ هزيلةٌ تجلس قرفصاء بجوار المدفأة، تغازل الخيوطَ المتصاعدةِ من الموقد، ترسم من أدخنة اللهيب قصصًا تداعبُ مخيلتَها، كانت الجدرانُ حجريةً، والنوافذ مطلية بالأحمر القاني، لم يكن هناك أي قطعة أثاث أخرى، غير سجادة من فرو الثعالب موضوعة على الأرض، غرقت الأم في إعداد الطعام بينما جلس الأب لقراءة الجريدة.
في الليل تجتمع العائلة ويحضر إلى المائدة شبحُ الأخِ المهاجرِ بعيدًا؛ لم يهاجر الفتى طمعًا في الثراء، ولكنها الحربُ لا تضع أوزارها حتى تجتث من كل أسرة رجلًا، وفي كل زقاق تعلق مشنقةً للسعادة.
من النافذة المظلمة امتد شعاعٌ خافتٌ لمصباح أو كشاف متذبذب، ففزعت الأم لرؤيته بغتةً، تبع الشعاع أصوات لثلاثة رجال، فتح الأب باب كوخه الخشبي، بينما تمدد أمامه جثمانُ ابنه المحارب، جاء الجنود يزفون إلى الأسرة المنكوبة جسدًا أنهكته الطلقات ومرمغته الصراعات في حروب لم يكن
للبؤساء فيها ناقة أو جمل.
- المحارب